الخميس، 16 فبراير 2012

سيرة الشيخ امحمد بناصر الدرعي رضي الله عنه


جمعية سيدي أحمد بناصر للتنمية والتعاون.
تمكروت

سيرة الشيخ امحمد بناصر الدرعي  رضي الله عنه.

إنجاز: عبد اللطيف الناصري

نـســـبـــه

هو أبو عبد الله محمد بن محمد بن محمد بن الحسين بن ناصر بن عمرو بن عثمان بن ناصر بن أحمد بن علي بن سليم بن عمرو بن أبي بكر بن المقداد بن إبراهيم بن سليم بن حريز بن حبيش بن كــــلاب بن ابي كلاب بن إبراهيم بن أحمد بن حامد بن عقيل بن معقل بن الهراج بن محمد بن جعفر الآمـــر بن إبراهيم بن عرابي بن محمد الجود بن علي الزينبي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب .بينه وبين جعفر بن أبي طالب اثنان وثلاثون ابا.
ولادته نشأته وكده في طلب العلم :  

ولد رضي الله عنه يوم الجمعة في رمضان 1011هـ/1602م بأغلان.ونشأ في كنف والده سيدي محمد بن أحمد .وكانت أمه من الصالحات القانتات. وأقرأه والده القرآن الكريم ولم يزل في تربيته إلى أن أدرك وبلغ مبلغ الرجال فقام بأمور أبيه أحسن قيام واجتهد في ذالك غاية الاجتهاد فكان يقوم على عقار أبيه بأغلان وينفق على أمه وإخوته في غياب أبيه إلا أن ذالك لم يمنعه من تعلم العلم والقيام بأمر دينه.
ابتدأ تعلم اللغة العربية على يد شيخ الجماعة العالم الصالح علي بن يوسف الدرعي وكذا الفقه وما التحق به.وسافر الشيخ في طلب العلم زمانا فلما عاد إلى أغلان ترتب إماما بجامعها الأعظم وسنه يومئذ بضع وعشرون سنة ثم تصدر للخطابة والتدريس فيه فعظم في أعين الناس وعرف بالعلم والدين وصارت له وجاهة عند أهل عصره من الملوك.

ظروف  انتقاله إلى تمكروت وكيفية التقائه بالشيخين الجليلين عبد الله بن حساين القباب وأحمد بن إبراهيم الأنصاري رضي الله عنهما  :

لما بلغ رضي الله عنه من العلم والدين والجاه عند العامة والخاصة ما بلغ ترقت همته إلى الدخول في طريق القوم فصار يبحث عن شيخ يصلح للتربية ليأخذ عنه .فبحث عنه في قرى وادي درعة قرية قرية وبعد مدة أخبره صهره السيد محمد بن عبد القادر الحربيلي الساحلي بأنه رأى بتامكروت رجلين صالحين تابعين لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليهما سمات الخير والصلاح فقدم إلى تمكروت وكان سنه يومئذ نحو 27 سنة فوافاهما وقد حانت صلاة المغرب فصلى معهما فلما سلما شرعا في قراءة :لا إله إلا الله وحده لا شريك له  الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير. فقال في نفسه هذه سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم. فخلا رضي الله عنه بسيدي أحمد بن إبراهيم وقال له إني أريد أن تذهب معي إلى الشيخ عبد الله ليلقنني الورد الشادلي فذهب معه

إلى الشيخ عبد الله بن حساين فلقنه الذكر وأعجب به فرغب في معاشرته وتعليمه العلم في زاويتهما فلبى لهما رغبتهما واستقر بالزاوية بعد أن جلب والده وأخوه سيدي حساين من أغلان .وكان ذالك سنة 1040هـ/1631م.

ظروف انتقال أمر الزاوية إليه واشتغاله بنشر العلم:

فشرع رضي الله عنه في تعليم العلوم ونشرها كما كان في زاويته القديمة في أغلان حيث أخذ عنه العديد من كبار علماء ذالك العصر من أمثال :العلامة أبو الحسن علي اليوسي و العلامة أبو سالم العياشي والعلامة القاضي الأعدل عبد الملك بن محمد التاجموعتي والفقيه عبد الله بن محمد بن إبراهيم الهشتوكي  وأبي الحسن علي المراكشي وابن عبد اللطيف الفيلالي وغيرهم .
ثم أخذ رضي الله عنه في جمع الكتب واقتنائها نسخا وشراء فنسخ بخط يده عدة كتب منها القاموس وشرح المراد على التسهيل وبعض كتاب العقد الفريد لابن عبد ربه. واهتم بتصحيح الكتب ومقابلتها وكتب الفوائد على هوامشها فداع صيته حتى قال أحد العلماء : لولا ثلاثة لانقطع العلم في المغرب في القرن الحادي عشر لكثرة الفتن التي ظهرت فيه وهم :سيدي امحمد بناصر بتمكروت وسيدي محمد بن أبي بكر الدلائي و سيدي عبد القادر الفاسي بفاس..
وصبر رضي الله عنه على شظف العيش فكان ينام هو و أهله على التراب لعدم ما يشتري به حصيرا يفرشه ولربما افترش ليفا أو جريد نخل .وأرسل له مرة أحد تلاميذه حصيرا يفترشه فآثر به كتبه على نفسه.
وفي سنة 1045هـ/1636م توفي الشيخ عبد الله بن حساين وتولى أمر الزاوية بعده سيدي أحمد بن إبراهيم وتولى كذالك تلقين الأوراد .وكان رضي الله عنه يصوم يوما ويفطر يوما حسبما أمره به شيخه وكان لا ينام من ليله إلا قليلا مشتغلا بالصلاة والذكر.ولما توفي رضي الله عنه شهيدا بعد أن قتله بعض حساده في 11جمادلى الأولى سنة 1052هـ/1642م انتقل أمر الزاوية إلى سيدي امحمد بناصر بوصية منه وتوكيله إياه على جميع أموره من بعده ومنها القيام بأمر تربية بناته فتزوج السيدة حفصة بنت عبد الله الأنصارية ليصير محرما لهن ليتم له ذالك ولتقوم له بأمر الزاوية كما كانت عند زوجها الأول سيدي أحمد بن إبراهيم وكان زواجهما سنة 1055هـ/1645م.فولدت منه الشيخ العلامة أحمد بن امحمد بناصر الملقب بالخليفة.

منهجيته في تسيير أمور الزاوية وبعض مناقبه:

ولما أصبح أمر الزاوية بيده التفت عليه الطلبة والمريدون وانتشر ذكره في الآفاق وعلا صيته في البلاد وواقع له الله المحبة والقبول في قلوب العباد حتى خضع له أهل المغرب وكثير من أهل المشرق وأقام بالزاوية على نفع العباد علما وعملا وحالا ومقاما مع كثرة الصيام والقيام والذكر وتلاوة القرآن.وقام بحق الطلبة والمريدين والعيال والمساكين والأرامل والأيتام أتم قيام مع قلة ذات اليد آنذاك.وكان رضي الله عنه آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر لا يخاف في الله لومة لائم ناصرا للدين ناصحا لعباد الله المؤمنين واقفا على حدود الله عارفا بأحكامها .وكان رضي الله عنه ذا سمت ووقار ومهابة حسن الأخلاق بعيد الغضب سريع الرضى وقصده أعلام المغرب وكبراؤه فانتفعوا به وظهرت عليهم بركته .وكان رضي الله عنه معنيا بإظهار السنة وإحيائها وإخماد البدعة وإماتتها وإبطال العوائد المزاحمة للشرع القادحة في العقيدة الدينية والأخلاق المحمدية .وقد روي عنه أنه قال:ما
علمت حديثا من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عملت به ولو مرة واحدة وإن كان مخالفا لمذهب الإمام مالك.

قال عنه العلامة سيدي محمد المكي بن موسى الناصري في كتابه الدرر:كان الشيخ رضي الله عنه جوادا فياضا يقسم على جيرانه وساكني زاويته بل وغيرهم من أهل درعة ممن لم يسكن الزاوية الأضحية كل عيد والصوف كل عام والسمن والزيت كذالك ولا يدخر عنهم شيئا حتى قال بعض ولده يوما وقد فرق سمنا كثيرا جيء  إليه على الجيران والفقراء والمساكين :قد فرقت هذا السمن كله فما تركت لنا ؟  فأجابه :( وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين) الآية. وأنشد :

إذا جادت الدنيا عليك فجد بها          على الناس طرا قبل أن تتفلت

حج رضي الله عنه مرتين .الأولى سنة 1070هـ/1661م. والثانية سنة  1076هـ/1667م.

وفاته رضي الله عنه:

كانت وفاة الشيخ يوم 16صفر 1085هـ/1676م وهو ابن أربع وسبعين سنة.
ولم يترك رضي الله عنه دينارا ولا درهما ولا دارا أو عقارا بل تصدق بجميع ذالك قبل موته بل وبما ترك له والده وخرج من الدنيا كما خرج من بطن أمه .وقد عرض عليه أبناء الدنيا دنياهم فما التفت إلى ذالك ولا عرج .وقد البسه الله تعالى عند الملوك مهابة عظيمة عرفها الخاص والعام.

سلسلة الطريقة الناصرية :
  
 قال الشيخ أحمد بن عبد القادر التستاوتي في النزهة ما نصه :وجد بخط الإمام الأستاذ سيدنا ومولانا محمد بن ناصر رضي الله عنه ما نصه :بسم الله الرحمن الرحيم صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما يقول كاتبه عبد ربه تعالى محمد بناصر الدرعي كان الله له أخذنا طريقة التصوف عن شيخنا سيدي عبد الله بن حساين الرقي عن شيخه أبي العباس أحمد بن علي الدرعي الحاجي عن شيخه سيدي أبي القاسم الغازي الدرعي أهلا السجلماسي دارا عن شيخه أبي الحسن علي بن عبد الله السجلماسي عن شيخه أبي العباس أحمد بن يوسف الملياني الراشدي عن شيخه أبي العباس أحمد زروق الفاسي عن شيخه أبي العباس أحمد بن عقبة الحضرمي عن شيخه أبي الحسن عن الفرابي عن شيخه أبي العباس تاج الدين أحمد بن عطاء الله الإسكندراني عن شيخه أبي العباس أحمد المرسي عن شيخه أبي الحسن الشاذلي عن شيخه أبي محمد عبد السلام بن مشيش رضي الله عنهم وعنا بهم آمين .عن شيخه سيدي عبد الرحمن الزيات المدني عن شيخه تقي الدين الفقير عن شيخه القطب فخر الدين عن شيخه القطب نور الدين عن شيخه القطب تاج الدين عن شيخه القطب شمس الدين عن القطب زين الدين القزويني عن القطب إبراهيم البصري عن القطب أحمد المرواني عن القطب سعيد عن القطب فتح السعود عن القطب سعد الغزواني عن القطب سبط النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وشرف وكرم ومجد وعظم.



الطريقة الناصرية :

أ-شروط الدخول في الطريقة:

- التقوى واتباع السنة ومخالفة الهوى وشهود المنة.
- الاعتماد على الله في الرزق لأنه هو الرزاق ذو القوة المتين.
- لا ترجوا ولا تخشوا إلا الله تعالى وأما السبحة والضياقة والخرقة فليس عندنا فيهن رواية وإنما طريقنا الذكر وهو نحو ما ذكر الشيخ السنوسي في آخر شرح العقيدة الصغرى فإن أردتم الدخول في السلسلة فصححوا التوبة بشروطها وعليكم بتقوى الله والتوكل عليه في جميع الأمور و التأهب ليوم النشور والتزود لسكنى القبور.(من كلام الشيخ امحمد بناصر رضي الله عنه) .

ب - الورد الناصري :

يكون بعد الفراغ من الأذكار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الصبح وهو :
- أستغفر الله 100 مرة.
- اللهم صل على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى أله وصحبه وسلم تسليما 100مرة.
- لا إله إلا الله 1000مرة مع زيادة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند تمام كل مئة . أما المرأة فتكتفي ب100لا إله إلا الله ( الهيللة).أما وقته فمن الصبح إلى الصبح وأفضل الأوقات هو من الصبح إلى طلوع الشمس.
ومن استطاع ألا يفتر لسانه عن لا إله إلا الله فهو الكمال والمختار.
- اختتام دلائل الخيرات و تنبيه الأنام والغنيمة ثلاث مرات في الأسبوع .
- ختم القرآن في كل اثني عشر يوما بقراءة خمسة أحزاب كل يوم.
وزاد الشيخ لبعض تلامذته بعد ورد الصبح وبعد ورد العصر إلى المغرب سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم مئة مرة .لا إله إلا الله وحده لا شريك له  الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مئة مرة.سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم مئة مرة.
ومن قال بعد ورده سبحان الله وبحمده سبحانك اللهم أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك عملت سوء وظلمت نفسي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت يارب العالمين –ثلاثا-فكأنما عليه الطبع قال شيخنا.

مقتطفات من أقوال الشيخ رضي الله عنه:

- سأله أحد المريدين عن الكرامات وحقيقتها فأجاب رضي الله عنه: إذا رأيت رجلا واقفا على حدود الله فلم تبق لك كرامة تراها له فوق ذالك.
- وقال رضي الله عنه : أول ما يبتدئ به المريد التوبة وهي الندامة والإقلاع والتحول من الحركات المذمومة إلى الحركات المحمودة ولا تصح للعبد حتى يلزم نفسه الصمت ثم الخلوة ولا يصح له لزوم الخلوة إلا بأكل الحلال ولا يصح له أكل الحلال إلا بأداء حق الله ولا يصح له أداء حق الله إلا بحفظ الجوارح ولا يصح له شيء مما ذكرنا حتى يستعين بالله تعالى على ذالك كله.



- سأله بعض الناس أن يظهر له الفضائل والكرامات التي يظهرها بعض الأولياء لتلاميذهم فقال له : 
أما ما ذكرت من إظهار بعض الأمور لك فليس بيدي شيء من ذالك وإنما ذالك بيد الله ولم أبلغ درجة الأولياء حتى أظهر لأصحابي ما يظهره الأولياء لأصحابهم على أيديهم وإما الناس يحسنون الظن بنا فيعاملهم الله على قدر نياتهم فاتبع سبيل السنة المحمدية يظهر لك ما ليس فيه حساب.
- وسئل رضي الله عنه عن الحضرة التي هي عادة الفقراء فقال رضي الله عنه :أن الرقص أول من أحدثه أصحاب السامري لعنهم الله .ومن أراد من الفقراء ما ينفعه فليشتغل بتسبيحه أو قراءة القرآن أما الحضرة فلا فائدة فيها. وأما ضرب الرباب والعود وغيرها من الآلات المعروفة عند المداحين والمتصوفة  فقد أنكره رضي الله عنه غاية الإنكار.
- وسئل عن المريد الصادق فقال :علامته خمسة أشياء أولها جسم طاهر من معاصي الله والثاني لسان رطب بذكر الله والثالث فكر دائم في ملكوت الله والرابع روح هائم في جلال الله والخامس قلب ساطع بأنوار الله.
- ومن كلامه رضي الله عنه : الذكر محتاج إلى القلب والقلب محتاج إلى الذكر لا يستغني أحدهما عن الآخر . فإذا اجتمع الذكر مع القلب تمت الحكمة ولا يصفو الذكر إلا بعد صفاء القلب  ولا يصفو القلب إلا بعد المعرفة ولا تصفو المعرفة إلا بعد صفاء التوحيد ولا يصفو التوحيد إلا بعد الخروج من التقليد والعارف دون التوحيد لا يقتدى به في هذه الطريقة.
- وقال رضي الله عنه : معشر المريدين عليكم بذكر الله العظيم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة الأولياء فبذكر الله تطمئن القلوب و بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم تنور القلوب وبزيارة الأولياء تعرف الطريق إلى الله.








المراجع :
               طلعة المشتري في النسب الجعفري للشيخ أبو العباس أحمد بن خالد الناصري.
               - الأجوبة الناصرية للشيخ أبو عبد الله امحمد بناصر الدرعي.